الأحد، 17 أكتوبر 2010

مراكب الشمس

كثير منا يحب البحر ، وكثير منا يحب ركوب المراكب والسفن ، ولكن كثير منا لا يعرفون عن اهتمام المصريون القدماء بالنيل وبالمراكب اهتماما كبيرا لدرجة مدهشة ، وكثيرا منا لم يسمعوا عن مراكب الشمس خصوصا شباب الجيل الحالى فى مصر لا يعرفون كثيرا عن تاريخهم العظيم ولا عن حضارتهم المدهشة وعلى عن آثارهم الخالدة التى بهرت العالم لذلك أكتب اليوم عن مراكب الشمس .
أنواع المراكب الفرعونية
مازلنا نبحث في أسرار مراكب الشمس لنعرف وظيفتها لدي المصري القديم‏,‏ وكيف أنها كانت قوارب رمزية فقط يستعملها الإله رع ـ إله الشمس ـ في رحلة الليل والنهار‏,‏ تساعده النجوم في الإبحار والتجديف ويقوم الإله في تلك الرحلة بتنظيف العالم من الأرواح الشريرة‏,‏ وبالتالي يقدسه الشعب ويقدم له القرابين شكرا وعرفانا‏. هناك أنواعا أخري من المراكب عرفها المصري القديم منها‏:‏
أولا‏:‏ المراكب الدينية‏:-‏ وهذا النوع من المراكب كان رمزيا يستخدم للإله فقط‏,‏ وتوضع هذه المراكب غالبا بقدس الأقداس داخل المعابد‏,‏ وكان الكهنة يحملون المركب وبداخلها تمثال الإله كي يزور المعابد الأخري‏, مثل زيارة حورس لمعبد حتحور بدندرة‏,‏ أو زيارة الإله آمون لمعبد الأقصر‏.‏
ثانيا‏:‏ المراكب الجنائزية‏:‏ وهذا النوع كان يستخدم لنقل مومياء الملك لزيارة الأماكن المقدسة الخاصة بالإله أوزوريس ومنها أبيدوس في الجنوب وبوتو في الشمال‏,‏ هذا بالإضافة إلي أن هذا النوع من المراكب كان يستعمل أيضا في نقل جثمان الملك من قصره الذي يقيم فيه إلي الجبانة حيث يوجد هرمه‏.‏
ثالثا‏:‏ المراكب الدنيوية‏:‏ وكانت تستخدم في النيل لنقل الجرانيت من محاجر أسوان‏,‏ أو الألباستر من حتنوب بمصر الوسطي‏,‏ أو الحجر الجيري من طره‏,‏ أو لنقل المسلات من محاجر أسوان إلي معابد الأقصر والكرنك‏,‏ بالإضافة إلي استعمالها لنقل العمال الذين يحفرون في الصخر للعمل في بناء الأهرامات‏,‏ وهناك مراكب سافرت عبر البحار إلي جبيل‏(‏ لبنان‏)‏ لإحضار أخشاب الأرز ويسجل حجر باليرمو المراكب التي كان يرسلها الملك سنفرو أبو الملك خوفو إلي لبنان لإحضار هذه الأخشاب وهذه الأنواع من المراكب مسجلة علي معابد الدولة القديمة خاصة معبد الملك ساحورع بأبو صير‏,‏ بالإضافة إلي المراكب التي كانت تستعمل للسفر إلي الجنوب خاصة بلاد بونت لإحضار البخور والزيوت العطرية والذهب‏.‏
رابعا‏:‏ المراكب الحربية‏: التي استخدمت في الدولة الحديثة والمصورة بمعابد الدولة الحديثة خاصة معبد مدينة هابو الذي يصور المعارك البحرية للملك رمسيس الثالث آخر ملوك مصر المحاربين ضد شعوب البحر‏.
خامسا‏:‏ المراكب التي استعملها المصري القديم للنزهة في النيل‏:‏ وهذه المراكب ممثلة بأشكال مختلفة علي المقابر‏,‏ بل إن قصة خوفو والسحرة التي تشير إلي قصة حدثت في عهد الملك سنفرو فقد خرج الملك للنزهة في مراكب داخل البحيرة الملحقة بالقصر‏,‏ ترافقه فتيات جميلات يجدفن ويتغنين بأجمل الأغاني‏,‏ وأثناء التجديف سقط قرط إحداهن‏,‏ واستطاع رئيس المرتلين بسحره أن يخلي البحيرة من الماء ليعطيها القرط‏.‏
سادسا‏:‏ أما النوع الأخير فهو المراكب الشمسية وهي أيضا مراكب رمزية‏,‏ واحدة لرحلة النهار أطلق عليها المصري القديم اسم معنجت  [maengt]وأخري لرحلة الليل أطلق عليها اسم مسكتت  (msktt)وهذا النوع كان يستعمله الإله رع فقط كي يبحر بها وتجدف له النجوم وتستعمل هنا المجاديف ذوات السنون المدببة لقتل الحيوانات والأرواح الشريرة الموجودة في العالم ليفني الشر وبالتالي يعترف بفضله الشعب ويعبده‏. ونعود إلي حفر القوارب الموجودة بالمجموعة الجنائزية للملك خوفو حيث كانت حفرتا القوارب الشرقية التي تجاور المعبد‏,‏ مخصصتين للملك باعتبار توجيههما من الشمال علي الجنوب‏,‏ حيث إن الملك باعتباره حورس لديه القوة التي تمكنه لأن يمتد من الشمال إلي الجنوب‏.‏ وهاتان الحفرتان تختلفان تماما عن الحفر الجنوبية‏,‏ وتقعان بجوار المعبد‏,‏ حيث ترتبطان بنشاط الملك‏,‏ كما تشير المناظر الممثلة داخلهما إلي نشاطه كحورس علي الأرض‏,‏ أي انه يؤكد سيطرته الكاملة علي مصر العليا والسفلي‏(‏ الجنوب والشمال‏).‏ أما الحفرة الثالثة التي تأخذ شكل مركب وتقع شمال الطريق الصاعد‏,‏ فأعتقد أنها مركز رمزية خصصت للإلهة حتحور كما هو ثابت ومكتوب في بردية أبو صير‏. أما الحفرتان الجنوبيتان اللتان عثر داخلهما علي الأخشاب‏,‏ فقد ثبت من المناقشة السابقة أنهما ليستا جنائزيتين بل هما مركبان شمسيان‏.‏
وتشير متون الأهرام إلي أن الإله رع‏(‏ خوفو‏)‏ يمتلك قاربين استخدمهما في تنقلاته شرقا وغربا‏. وهنا تشرق الشمس وتدور حول الأرض في قاربين من الشرق إلي الغرب ومن الغرب إلي الشرق وينتقل من قارب إلي آخر عند شروق الشمس وغروبها‏.‏
وكانت الشمس تبحر غربا فوق سطح الأرض‏,‏ وشرقا تحت سطح الأرض وقد تم توجيه القارب الليلي مسكتت‏(msktt)‏ نحو الشرق‏,‏ والنهاري نحو الغرب معنجت‏(mandt)‏ وقد أثبتت الدراسات أن القارب المكتشف يمثل قارب النهار خاصة لأنه موجه غربا‏,‏ أما القارب الآخر والموجود داخل الحفرة الأخري فهو خاص بالليل ومقدمته تتجه شرقا‏.‏ويمكن التوصل إلي دليل من هذا الافتراض‏,‏ والذي وجد في تصميم الحفرتين الجنوبيتين ويفصل بينهما جدار من الصخر وموجود علي المحور الشمالي الجنوبي من الهرم‏. وسوف نجد أن الفتحة الجنوبية الموجودة داخل حجرة الدفن لهرم خوفو والتي يطلق عليها خطأ فتحة التهوية تقع مباشرة علي المحور الذي يفصل بين المركبين وهما مركب النهار ومركب الليل ويقوم الملك خوفو في شكل الإله رع بالخروج رمزيا من هذه الفتحة كي يستقل المركب طبقا للرحلات التي سوف يقوم بها‏.‏
وقد أكدت بردية أبو صير التي عثر عليها داخل معبد الملك نفر ـ إير ـ كارع من الأسرة الخامسة أن وجود الأخشاب داخل فتحة المركب مهمة جدا لأن الملك سوف يستقله بعد أن يتم تجميعه‏,‏ ولذلك كان لابد من وجود هذه الأخشاب‏,‏ وقد أثبت زكي إسكندر أن مركب خوفو قد صنع بجوار الحفرة ثم تم فكه كي يوضع داخلها‏.‏
ومن المعروف بالنسبة لهم أن الإله رع سوف يستقل هذا المركب وسينقله في رحلة الليل والنهار‏,‏ وسوف تقوم النجوم بالتجديف للإله وعندما يقابل الإله أي حيوان شرير أثناء رحلته فكان يتخلص منه عن طريق المجاديف المدببة‏,‏ لأن واجب هذا الإله هو تطهير العالم من الشر‏,‏ والأرواح الشريرة‏,‏ وبالتالي يقدر شعبه ذلك المجهود والفضل الذي صنعه من أجلهم‏,‏ فيعبدونه كإله أعظم‏.‏
وقد احتار العلماء في تفسير وظيفة مركب الملك خوفو نظرا لأنهم يدرسون المركب كأثر قائم بذاته من الناحية الدينية فقط حيث إنه من الخطأ أن تتم دراسة أي عنصر معماري‏,‏ أو قطعة أثرية في أي موقع دون دراسة ما حولها من آثار ومعابد وأهرامات ومناظر ممثلة بالمعبد والتماثيل وغيرها‏,‏ وهذا ما قمنا به‏,‏ حيث لم ننظر في هذه الدراسة إلي المركب كوحدة مستقلة بذاتها عن باقي عناصر المجموعة الهرمية‏,‏ بل فسرنا جميع عناصر المجموعة ككل من خلال وحدة واحدة‏,‏ لذلك استطعنا أن نصل إلي هذه النتائج‏.‏ولكن يجدر بنا الإشارة إلي أن المجموعة الهرمية كانت مخصصة لعبادة الثالوث المكون من الإله رع إله الشمس‏,‏ حورس ثم حتحور التي عبدت في منف وكانت تجلس تحت شجرة الجميز لذلك عرفت باسم‏(‏سيدة شجرة الجميز‏)‏ وهناك أدلة لعبادتها في جبانة الجيزة‏.‏وسوف نجد أن كل إله منهم كان يعبد في مكان معين داخل المجموعة الهرمية‏,‏ وأيضا سوف نجد ارتباط المراكب الخمسة بهذا الثالوث‏,‏ وفي نفس الوقت لابد أن نعرف أنه خلال الأسرة الرابعة ظهر فكر ديني جديد لم نعرفه من قبل‏,‏ حيث قام الملك خوفو بطرد كهنة هليوبوليس وأصبح هو نفسه الإله رع أثناء حياته‏,‏ لذلك فإن المركبين الموجودين شمال وجنوب المعبد الجنائزي‏,‏ هما مركبان خاصان بالملك خوفو كحورس كي يبسط نفوذه وقوته علي جنوب مصر‏.‏
أما المراكب الواقعة علي جنوب مصر‏,‏ والمراكب الجنوبية هي مراكب رمزية خاصة بالشمس أثناء رحلة النهار ورحلة الليل‏.‏
أما المركب الخامس فكان خاصا بالإلهة حتحور التي هي‏‏ عين رع‏,‏ وزوجة الملك الحي حورس وهي في نفس الوقت أم الملك القادم‏.
كيف تم اكتشاف هذه المراكب
كان مفتش آثار منطقة الهرم محمد زكي نور والمهندس المدني الذي يقوم بعملية تنظيف منطقة الهرم هو المهندس كمال الملاخ والمشرف على عملية التنظيف هو الدكتور عبدالمنعم أبوبكر، وبعد الانتهاء من عملية التنظيف فجأة ظهرت آثار جدار من الطوب اللبن وبعد الوصول إلى قاع الجدار ظهرت 42 قطعة حجرية مقسمة إلى مجموعتين بينهما فاصل ثلاثة أمتار في حفرة حجرية، وفي يوم 26 مايو 1954م تم فتح فوهة الحفرة التي دفنت فيها مراكب خوفو، وشم الجميع رائحة خشب الأرز وإذا بالمهندس كما ل الملاخ يمسك بمرآة يعكس بها أشعة الشمس داخل الفوهة ليرى ذلك الكشف العظيم ليكون أول من رآه وأول من شم رائحته بعد دفنه خمسة آلاف سنة وفي غمرة انشغال الجميع وعدم اهتمامهم بالأمر في بادئه، تم قيادة الحملات الإعلامية من قبل كمال الملاخ لينسب إلى نفسه هذا الكشف وينال ما ينال من الشهرة وما كان من مصلحة الآثار إزاء ذلك إلا أن توقع عليه حسم 15 يوماً جزاء ما فعل.. فاستقال كمهندس مدني في مصلحة الآثار ليتجه إلى الصحافة بعد هذا السبق الصحفي. وحقيقة الأمر أن عملية الكشف تمت نتيجة لعملية تنظيف منطقة الهرم والتي بدأت في يناير 1946م تمهيداً لزيارة الملك عبد العزيز آل سعود حيث كان من برنامج الزيارة أن يزور الملك عبد العزيز ومرافقيه معالم مدينة القاهرة والجيزة والمحلة الكبرى وأنشاص والقليوبية ومدينة الإسكندرية وفي العاصمة زار الأزهر ونادي سباق الخيل ودار الجامعة العربية وجامعة فؤاد الأول ومبنى القوات المسلحة وسفح الهرم وتحديداً زار أهرامات الجيزة ليتفقد معالم الآثار الفرعونية هناك يوم 15 يناير 1946 وكان بصحبة عاهل الجزيرة أثناء زيارته أهرامات الجيزة كلاً من الملك فاروق ومستر درايتون مدير مصلحة الآثار المصرية وأثناء تجولهم ليشاهدوا المعالم الأثرية هناك وجدوا صعوبة كبيرة في الدوران حول أهرامات الجيزة لوجود تل كبير من الأتربة حول الضلع جنوبي الهرم وكان ارتفاع هذا التل يصل إلى 18 متراً وكان هذا التل يمثل عائقاً كبيراً لكل من يزور الهرم وخاصة كبار الزوار من الملوك والأمراء. أصدر الملك فاروق أمراً ملكياً بإزالة هذا التل المتراكم من الأتربة وتنظيف منطقة أهرامات الجيزة وعهد إلى درايتون تنفيذ هذا الأمر وتم رصد المبالغ اللازمة لعملية التنظيف في ميزانية مصلحة الآثار المصرية على عدة سنوات. وبذلك تكون البداية الحقيقية لعملية التنظيف التي نتج عنها اكتشاف مراكب الشمس عام 1946 إلى أن تم العثور على المراكب عام 1954 .
مشاهدة مراكب الشمس
لأول مرة فى يوم 19/7/2008 بعد 51 سنة من اكتشافها، عرضت في مصر للمرة الأولى، محتويات مركب الملك خوفو الثاني، وهي من المراكب المعروفة بـ«مركب الشمس». ولاحظ الحضور أن المركب يقع على مسافة 10 أمتار تحت سطح الأرض، وقد تمكنوا من مشاهدته عبر كاميرا خاصة، ثبتت بداخله لذلك الغرض. وصرح الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، خلال مؤتمر صحافي عقده احتفاء بالمناسبة، أن «المجلس يجري حالياً دراسات حول إمكانية نقل مركب خوفو إلى المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه في عام 2011». وتابع: «عند إتمام عملية نقل المركب إلى المتحف الكبير، سيكون بمثابة القطعة الثانية التي تضاف إلى تمثال رمسيس الثاني، الذي سبق نقله إلى المتحف نفسه قبل سنتين».التفاصيل الدقيقة للمركب المكتشف عام 1957، عرضت أمام الجمهور، بعد تركيب فريق فني من جامعة واسيدا اليابانية في طوكيو، كاميرا دقيقة داخل الحفرة الموجود فيها المركب، من دون الحاجة إلى فتحها، وذلك على خلفية المشروع الذي تقدم به الجانب الياباني، بهدف الكشف عن هذه الحفرة، وترميم أخشاب المركب، وإعادة تركيبها بتكلفة بلغت 10 ملايين جنيه..وأوضح حواس خلال المؤتمر الصحافي، أن «المراكب كانت في حالة سيئة للغاية، منذ اكتشافها حتى اليوم، وأن فريقاً من الفنيين والأثريين المصريين واليابانيين، سيشرع في ترميمها بشكل عاجل، يصار بعدها إلى نقل المركبين الأول والثاني إلى المتحف الكبير على طريق القاهرة ـ الإسكندرية الصحراوي». كما أشار حواس إلى أن عملية النقل ستجري بعد الانتهاء من الدراسات الفنية اللازمة، التي يشرف عليها العالم المصري الدكتور فاروق الباز رئيس مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الأميركية.وأوضح حواس، ان التعاون الوثيق بين المجلس الأعلى للآثار في مصر، وقسم المصريات في جامعة واسيدا برئاسة عالم المصريات البروفيسور ساكوجي يوشيمورا، أتاح تركيب الكاميرا داخل الحفرة، لنقل محتوياتها إلى السائحين والصحافيين، وسيسمح لاحقاً لزائري منطقة الأهرام في الجيزة بمشاهدة المراكب عبر الكاميرا، نظير رسم مادي خاص يحدد في ما بعد. ومما يذكر أن هيئة الآثار المصرية، قبل أن تتحول إلى «مجلس أعلى» كانت قد اتفقت مع الجمعية الجغرافية الأميركية عام 1987، على إدخال كاميرا في الحفرة الثانية، وأمكن تصوير محتوياتها بالفعل، ولكن تبين وجود حشرات على أخشاب المركب المتفتتة بسبب الثقوب، التي فتحت عند كشفها عام 1957. وفي منتصف عقد التسعينات في نهاية القرن الماضي، تم الاتفاق بين المجلس الأعلى للآثار مع جامعة واسيدا، على إحضار فريق علمي ياباني متكامل، للتخلص من الحشرات وإنشاء هيكل حماية فوق الحفرة، لحمايتها من أشعة الشمس.من إعداد جــــى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما رأيك فى مدونة هاجى ؟