كل سنة وأنت طيب – دراما اجتماعية ساخرة

لا أعرف سبب السعادة التى يعيشها الشعب المصرى بحيث أنك تستطيع أن تسمع وتقول جملة " كل سنة وأنت طيب " 223 مرة كل يوم وكأنك بتعيش كل يوم عيد الجلاء . 

فعند استيقاظك من النوم وتشغل التلفزيون ستسمع صوت المذيعة المبتسمة ، الرقيقة المشاعر ، الركيكة اللغة ، الفكيكة الملابس ، السميكة الواسطة تقول " عزيزي المشاهد كل سنة وأنت تيب وبرتو كل الأسرة تيبه بمناسبة مهركان الكراءة للكميع وبأفكركوا ما تنسوش تاخدوا دوا الدغت وحباية السكر قبل ما تتفرجوا على البرنامك ، ويسعدنا أن نلتكى اليوم أيداً بالأستاذ ( فلان الفلانى  ) وكيل الوزارة اللى كان السنة اللى فاتت موذف عادى وإتوهيم بالرشوة وتلع برىء وبقى وكيل وزارة و برغم الفيللا الجديدة بتاعته والعربيات الجديدة بتاعه أولاده وشاليه مارينا وبيت الغردكة اللهم لا حسد لكن ما حدش أبداً قدر يثبت أنه خد رشوة وسرف الفلوس دى فى إيه . نلتكى مع هذا الرمز الجميل ونقوله كل سنة وأنت تيب يا فندم . وتقوم هنا بتغيير القناة إلى أخرى لتجد إعلان المصرية للاتصالات يقول كل سنة وأنت طيب لو دفعت الفاتورة فى ميعادها هتدخل سحب حج أو فلوس و كل سنة وأنت طيب . فتترك هذه القناة وتقوم باختيار قناة أخرى لتجد مذيعة تقول لك كل سنة وأنت طيب اعرف حل فزورتنا واكسب 1000 دولار فاكهة من 3 حروف أولها " ت " وأخرها " ت " والحرف الوسطانى " و " إيه هى ؟؟؟ فتجد اتصال من صفيق اقصد صديق يقول إزيك يا مايا فتقوله إزيك يا شريف فيقولها أنا بحب البرنامج ده خالص وبأموت فيكى يا مايا فترد عليه وإحنا كمان بنحبك جدا وبنموت فيك وممكن اقابلك النهاردة الساعة أربعة الفجر فى أى شقة مفروشة تبعتلى عنوانها بس مش قبل الساعة أربعة علشان مشغولة قبل كده مع مكالمات أصدقاء زيك المهم عرفت حل فزورتنا فيرد شريف طبعا دى سهلة جداً الإجابة تونس فتقول مايا خسارة غلط يا خسران يا بايظ على العموم كل سنة وأنت طيب وحاول تتصل تانى مستنياك الساعة أربعة بااااى . واتباعاً لمقولة يا عزيز يا عزيز الفتاق تعبه مش لذيذ  وكما تقول الأغنية " يانى يانى يانى اللى اتفقع مش حيرجع تانى "  تقوم بإطفاء التلفزيون وترتدي ملابسك وتخرج لعملك يملأ وجهك حالة روحية لذيذة من القرف الاجتماعى لتجد شخصاً مبتسما يرتدى ملابس قذرة يقول لك كل سنة وأنت طيب  يا بيه ربنا يوسع عليك ( يوسع إيه ما تعرفش ) ويسترك إدينى حاجة أفطر فتقوله بمنتهى القرف تفطر إيه إذا كنت أنا ما بأفطرش من بعد ما خلصت أولى ثانوى يا عم روح وتتركه وتنصرف وتسمعه يقول فى ضهرك " عالم معفن يا كش تولع وأنت ماشى " وإياك ان تعود لتوبخه فلن تهزىء إلا نفسك وأنت محتاج لكرامتك فهناك الكثيرون فى انتظارك ليبهدلوها لك وأولهم مديرك فى العمل . المهم تسير فى طريقك فتجد محصل النور يقول لك كل سنة وأنت طيب يا بيه فاتورة النور الشهر ده 120 جنيه فتسأله صارخاً ليه يا عم المبلغ ده كله فيقول لك الدنيا حر يا بيه والتكييفات مابتبطلش وبتسحب كهربا ياما ساعتها تقتنع وتصمت بالرغم من عدم وجود تكييف عندك وليس لديك سوى مروحة عامود واشتريتها مشاركة مع جارك فأنت يوم تاخد المروحة ويوم تاخد العمود أقصد ياخدها جارك . المهم تضع وجهك فى الأرض وتقوله " إدينى الكعب علشان من مش معايا فلوس تكمل " فيقطع لك الكعب بمنتهى القرف وهو يقول ابقى يا بيه روح سدد فى الشركة وبلاش تشغل التكييف تانى ولا هو فقر وعنطزه ( ألم أقل لك انت محتاج لكرامتك فهناك الكثيرون ينتظرونك لبهدلتها ) .        

المهم تسير فى طريقك وما هى إلا خطوات قليلة حتى تجد الزبال الذى يقوم بنظافة الشارع وبرغم كم القذارة الرهيب الذى  يملأ يديه ، حيث يتعامل الزبالون لدينا مع كيس القمامة كأنه كنز مغلق فيقومون بفتحه والنعبشة داخله بكل همة ونشاط وإذا اتسخت يديه فما عليه إلا أن يقوم بمسحها فى ملابسه المهم أنه برغم قذارة يديه يصر ان يسلم عليك بيده وهو يقول كل سنة وأنت طيب  يا بيه آملاً أن تعطيه أى شىء اصطباحه وإن لم تعطه ستجد أثناء عودتك أن كل قمامة الشارع تجمعت امام منزلك فتقوم بإعطائه أحد الجنيهات المعدنية التى تثقل جيبك فينظر لك بقرف ويقول جنيه ؟؟ زى بعضه بس ابقى خلى المدام تنزل لنا كباية شاى نفت فيه الرغيفين الحاف اللى حيجيبهم الجنيه بتاعك يا بيه . تتركه وتكمل سيرك نحو موقف السرفيس أو الأتوبيس لتحشر نفسك بشكل سمكى عجيب داخل هذا الاتوبيس أو فى عربة المترو وإن كان هذا اليوم هو يوم سعدك فى هذا العام ستجد كرسيا لتجلس عليه وما هى إلا ثوانى لتجد شاباً صغيرا يمر عليك وهو يقول كل سنة وأنت طيب  يقولها وهو يضع فى حجرك كتيباً دينياً صغيراً لتضع فى داخله ما تجود به عليه . المهم تصل أخيراً إلى عملك فتجد مديرك ينتظرك ليقول لك بكل غضب " كل سنة وأنت طيب يا بيه حمد الله على السلامة سيادتك متأخر خمس دقايق بحالهم " وبعد أن تعتذر له بشدة ثم تنافقه مدة ثم تمدحه مدائح عدة حتى لا يقيم عليك حد الردة يهدأ ثم يقول لك " روح على مكتبك دلوقتى ، اعمل شايك واقرأ جرنالك وبعد كده هات فطارك وبعد كده نام على مكتبك ومدد رجليك على مكتب جارك لغاية ميعاد الانصراف علشان تروح دارك وما تستهونش بالدور القومى اللى بتقوم بيه فى عملك اتفضل " تتركه وتذهب إلى مكتبك إن كان لك مكتب وتضع رأسك عليه وتذهب فى النوم وتحلم إنك رجل أعمال مهم لديه الكثير من المال ولكنك ستجد بواب العمارة وهو يفتح لك باب الأسانسير وهو يقول كل سنة وأنت طيب  يا بيه وبعد أن تركب سيادتك يأتى طفل بيده فوطة قذرة يمسح بها زجاج السيارة وهو يقول كل سنة وأنت طيب يا بيه وعندما تقف فى أحد الاشارات يأتى لك بياعوا الفل والمناديل وكل منهم يقول كل سنة وأنت طيب يا بيه ثم تجد الرصيف والمنازل والمحلات والسماء والأرض والنجوم تقول لك كل سنة وأنت طيب يا بيه كل سنة وأنت طيب يا بيه تززززززز . تستيقظ لتجد إنه صوت الجرس معلنا انتهاء ساعات العمل لتعود إلى منزلك وعندما تصل تجد ابنتك الصغيرة تقولك عمو صاحب العمارة بيقولك كل سنة وأنت طيب هات الإيجار والبقال كل سنة وأنت طيب هات الحساب والناظر كل سنة وأنت طيب مصاريف الكتب والأبله كل سنة وأنت طيب عيد الأم بعد 5 شهور فتصرخ قائلا كفاااااايه كل سنة وأنتم طيبين أنا حانتحر وتلقى بنفسك من بلكونة الدور الخامس لتقع ميتاً على الأرض ويأتى رجلان يقول أحدهما للأخر هو لسه فيه النفس فيرد الأخر بلا مبالاة ده كل سنة وأنت طيب ده مات .

من إبداعات هــــا